تتحرك أصابعي فوق لوحة المفاتيح على غير هدى ، شيءٌ ما يدفعني للكتابة ، أحاول التركيز لالتقاط الفكرة ، أصطنع الصفاء الذهني ، أُوهِمُ نفسي بأن هناك ضرورة مُلحّة للكتابة ، استعرضت الوضع العام فوجدت " كل شيء تمام " .. انتابني شعورٌ بالحزن ؛ فكيف يمكن للوضع أن يكون " تمام " ؟
أن لا يوجد سلبيات وأحداث مهمة يُكتب عنها .. فهذه كارثة تجبر الكتّاب على كتابة الأبراج والكلمات المتقاطعة والتعازي والتهاني ، وباقي الصفحات ودّع واستقبل وسافر واصطاد وعاد ، أو أنهم يتجهون لسوق العمل لتحريك عضلاتهم الضامرة ، والكسول منهم يحجز جناح "بالفور سيزنز " ويخلق جوه الخاص لتأليف كتاب عن المأكولات المنغولية في العصر الحجري ، و " الفهلوي " منهم يكتب سيرة حياة فيفي عبده، فالعباد بحاجة لأخذ العبر والدروس وتعلـُّمْ استراتيجيات بناء مستقبل زاهر .. بهزة خصر و رسالة فنية " رجّاجة " .
أسمعني أقول : خليك ريلكس ؛ فليس لديك " رسالة " ، و أنت لا تكتب لجريدة ، ولا تكتب باسمك الغير معروف "إلا للبقال والجزار " و المخبر الذي أولاه أمين أمن الأمة مهمة مراقبتك ، وهو لا شك مغبون في هذه المهمة ، فلن يحصل على مكافأة التقرير الذي سيقدمه عنك عندما يظهر لهم بأنك غير مهم إطلاقاً ، ولا تشكل خطراً إلا على المخزون الوطني من القمح والملح ، وهذا الخطر تشكله القوارض والعصافير بصورة أكبر على القمح ، بينما يترفعون عن الملح رأفة بأمثالنا لعلمهم أننا نحتاجه لرشه على جراح عربية أصيلة لا تلتئم .. فــ خلـّيك ريلكس .
" ريلكس " ( 2 )
نصف حلم .. وقراءة
أقرأ كل يوم بعض المقالات والقصص و القصائد عن الألم والحزن والبؤس والكآبة والفقد والغربة والانكسار والهزيمة و "الشاحنات والقطط " والوطن ، وأعيش أثناء قراءتي كل تلك المشاعر الإنسانية - بنسب متفاوتة وحسب قدرة الكاتب على تحطيمي معنوياً - إلى حين أضع رأسي على وسادة متخمة بأحلام وردية وبنفسجية لتنعم نفسي بحلم باذخ ، أو أقلّه حلمٌ جميل .. أجد نفسي فيه مسترخ ٍ على شواطئ هاواي ، أطرب لأنغام موج ِ بحر ٍ هادئ ، تحت سماءٍ صافية مقمرة ونسائم عليلة - ليست كـ "طوز" خليجي يحمل إليك مشكوراً عشرات الأطنان من رمل الصحراء ليملأ ما أمكنه أي فتحات - متاحة - في جسمك بذرات الرمل ليذكرك بحياة أجدادك الأشاوس - وليس ضرورة حتمية أن أنام فوراً لأني وضعت رأسي على الوسادة ، فلا بد من ممارسة بعض الخدع والاحتيال على نفسي والوسادة واللحاف والمكيف ، وبعد كل هذه المقدمة أنام بحفظ الله ، وبذلك يكون العرض المسرحي اليومي قد انتهى وكل ممثل ذهب بحال سبيله على أمل اللقاء مجدداً في اليوم التالي ، إلا أن بعض الممثلين يأبون إلا أن يشاركونا أحلامنا ، رغم يقينهم أننا لن نستطيع الهروب منهم إلا إلى حتفنا مجهول الزمان والمكان .. فأسْمَعـُني أقول لنفسي في نهاية المنام : خليك ريلكس .. ريلكس .
" ريلكس " ( 3)
حقيقة وحلم تقسيم اثنين
ألِفـْتُ زعماءنا - حفظهم الله - بين خصام ٍ ومصالحة ، وهذا شيء "طبيعي " بين الأخوة الشركاء في شيءً ما .. كما في لعبة " الليخا " ، فلكل لاعب وجهة نظره ورؤيته الخاصة وأسلوبه في التكتيك على الخصم للفوز " بالبرتية " ، فترى أحدهم يتشبث برأيه ويدافع بكل قواه العقلية والصوتية ويقدم كل الأدلة والبراهين على صحة تحميل " البنت البسطوني " على " اختيار البسطوني " الذي رماه خصمه ، في حين كان يجب عليه أن لا يرميها - حسب رأي شريكه - لأن " الآس البسطوني " ربما يكون " أقرع " مع شريكه .. فيقعوا في الفخ ، وهذا ما يحدث دائما ً مع الأخوة الشركاء في لعبتهم مع الخصم الرابح إلى الآن ، وربما إلى ما شاء الله طالما نحن جميعا ً نُستهلك كأوراق اللعب من قِبل الأخوة الشركاء .. وأعداءهم ، والفرق فيما بيننا نحن .. هو الكرت الذي يمثله كل مواطن وقيمته على طاولة اللعب ، ولكن مهما كانت القيمة كبيرة للكرت .. فهي في النهاية تساوي صفر ؛ لأن الأخوة الشركاء لا يجيدون هذه الألعاب التي تحتاج إلى تخاطر ذهني وفهم شديد للغة العيون ، وإحصاء مستمر للأوراق المتبقية في أيدي الخصم وأيديهم، وأن يحسنوا استغلالها للفوز ولو مرة واحدة قبل إتلافها في هزائم لا تنتهي .. " وياما في كروت متلوفين ( على وزن قلوب مساكين ) " ، وعندما يتبين للأخوة الشركاء أنه لا وجود للتخاطر الذهني في ما بينهم .. يقرروا اللعب على الطريقة اليهودية ؛ كل لاعب "يدوّر "على مصلحته رغم أن اليهود كأنهم رجل ٌ واحد في مواجهتنا ، وبهذه الطريقة يتبين للجميع مَنْ اللاعب الحرّيف ومن " غشيم " اللعب ، مع مراعاة مصلحة أخيه الذي يجلس في الجهة المقابلة والذي بموجب قانون اللعبة عليه أن يتعاطف معه بكل قضاياه " ألعابه " ، فتبدأ اللعبة بتعاطف شديد واضح وتنتهي بتآمر أحد الأخوة الشركاء مع الخصم ضد أخيه ليخسرا اللعبة كما المعتاد ؛ ليس بدافع حب الخصم المشترك .. إنما بدافع " شفت إنك غشيم و ما بتعرف تلعب " ؟ وبين اللعب شركاء واللعب على الطريقة اليهودية .. يمزقون ورق اللعب ويأتون بغيره .. مرة بدافع دفع النحس .. ومرة بدافع التجديد والتغيير .. ومرة بدعوى التوازن الاستراتيجي والبيئي ..وآلاف الأوراق تمزقت وتشردت بدعوى السلام والعيش المشترك ، ويساعدهم الخصم بعملية التمزيق تضامناً مع أحدهم ليزيد حقد الأخ الشريك في اللعبة .. فأسمَعُني أقول : خليك ريلكس .. ريلكس .. هناك فائض باحتياطي ورق اللعب .. والمصانع الوطنية لا تتوقف عن الإنتاج .
ريلكس ( 4 )
اختلفت / الطرق / الأساليب .. والنتيجة واحدة
* في بلادي .. يرفع المصلين أكفهم عندما يبدأ الخطيب بالدعاء بعد خطبة الجمعة ويقولوا " على ما أذكر " : آمين . " و لا يستجاب الدعاء " * في غير بلادي .. أتلفـّتْ في كل الاتجاهات فلا أرى أحدا ً قد رفع أكفهُ ليقول آمين .. فأقلب أكفي وأصمت تماشياً مع عباد الله . " ولا يستجاب الدعاء " * في بلادي .. نراهم يدعمون المقاومة ضد المحتل " معنوياً " أين ما وجدت .. " ولا تحرير " * في غير بلادي .. نراهم يدعمون بعض المقاومات ضد المحتل " ماديا ً " .. " ولا تحرير " * في بلادي .. يُرفع الأذان وتقام الصلاة وتنتهي دون أن يتغير المشهد العام .. " والناس تأكل بعضها " * في غير بلادي .. يُرفع الأذان فيتغير المشهد العام وتهدأ المدينة .. فتشعر بالإيمان .. " والناس تأكل بعضها " * في بلادي .. يحتفلون بعيد مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .. " وأغلبهم لا يقتدي به " * في غير بلادي .. لا يحتفلون بمولد الرسول الكريم لأن الاحتفال بمولده بدعة .. " وأغلبهم لا يقتدي به " * في بلادي .. الحكومة والتجار الهوامير مسيطرين على التجارة بشكل عام .. " و الفقير يُؤكل " * في غير بلادي .. الحكومة دعمت التجارة الحرة فسيطر عليها التجار الهوامير .. " والفقير يؤكل " * في بلادي .. الأوكسجين متوفر بكثرة .. " والمواطن يختنق " * في غير بلادي .. الأوكسجين متوفر بكثرة .. " والمقيم يختنق " * في بلادي .. نجمع المال لنشتري قبراً ..وندفن . * في غير بلادي .. نـُدفن لنجمع المال .. والقبر مجاني .