حــــــَالــِبُ النـــُّوقِ

حــــــَالــِبُ النـــُّوقِ

علـِّقـُوهُ علَى جـَدَائلِ نخلـةْ
وَاشْنقـُوهُ .. فَلـنْ يخُـونَ النـَّخـلـةْ !

.
.

مُمـْعِنٌ فِي السـَّمَاءِ ..
يـَرْقــُبُ ظلـَّهْ
يَتــَسَامَى إلَى السـِّـمَاكــَيْنِِ قـَـبلَهْ

*

اِرتَدَى بـُرْدَةَ الصُّعُودِ ..
وَألقـَى عـَنـْهُ
قـَبـْلَ الصـــُّعُودِ - للمـَوْتِ - ليلـَهْ

*

وَغـَدَا أبـْيَضَ الإهابِ
مـُسَجىًّ
بِالسَّنا .. تَرْقُصُ التـَّسَابِيحُ حـَوْلَهْ

*

وَاستــَوَى في الســَّماءِ نَجْمـَةَ طهْـرٍ
وَهِلالاً ..
يَخْتـَالُ بَيْنَ الأهِلـَّةْ

*

كَمْ تـَعَالَتْ ..
إلَى الخُلــُودِ ظِلالٌ
حِين عـَافـَتْ ثَرَى الضـَّيَاعِ وَوَحْلهْ

*

مـُمْـعِنٌ فِي السـَّمَاءِ ..
يـَستَلـْهِمُ الفَجــْرَ وَصايا خِلٍّ
يـُوَدِّعُ خِلـَّهْ

*

عَازِمٌ أنْ يَجـُوزَ لـيْلَ أمانيهِ
إلى صُبـحٍ ..
فــِيهِ يـبلُغُ سُؤلـَهْ

*

أسـْرَجَ القَلـْبَ باليقـِيــنِ ِ.. فذَابَتْ
صَخــْرَةِ اليـَأسِ / الآنَ يبـْدَأ رِحْلـَةْ !

*

فـَلـهُ موْعـِدٌ غَداً ..
وَحــَبيبٌ
هدَّهُ الصـَّبرُ وَهْوَ يطــْلبُ وَصْــلَهْ

*

إيهِ يا أيُّهَا الغــَدُ / الوَعْدُ ، أقـْبِلْ
مُدَّ حبْلاً
للمُسـتَهَامِ المُوَلـَّهْ

*

وَاسقِــِهِ مِنْ عُقـارِ نورِكَ كأساً
يـصْحُ مِنْهـَا ..
فَاللــَّيْلُ أسْكـَرَ عَقلهْ !

*

شَدَّ رَحْلَ الفــُؤَادِ :
مــَحْضَ ابْتهالٍ
غزَلتـْهُ رُوحٌ وَضَمَّتْهُ مـُقْلةْ

*

وَسَرَى ... لُغزاً صَامـِتاً
حيَّرَ اللــَّيلَ وَلَمْ تـَعرٍفِ الكَوَاكِبُ حَلـَّهْ

*

كُرَةٌ منْ نُور .. تــَدَحرَجُ
فوْقَ الأرْضِ :
يـَا أرْضُ خـَطـْوُهُ مَا أجَلـَّهْ !

*

كلــَّما دَاسَ عُشْبَةً ..
زَغرَدَتْ منْ فــَرَحٍ أوْ هفـَتْ
لِتلثمَ نـَعلهْ !

*

كانَ بِالأمْسِ نَخلَةً منْ صِبَا
وَاليَوْمَ .. قـامتْ فيهِ البطولةُ
نخلـةْ

*

يـَقصِدُ اليـَوْمَ صوْلَةً
مِنْ إبـَاءٍ
كـَيْفَ يَحيَا .. وَالحقُّ يحْتـاجُ صوْلةْ ؟

*

مُذْ رَأى أرْضهُ رَهينةَ لـَيْلٍ ..
أوْقـَدَ القلبَ ..
كيْ يجلــِّيَ سُبـْلـَهْ

*

" هذِهِ الأرْضُ لِي ! " .. وَقامَ هصوراً
نحوَ عارِ التـُّرَابِ
يطـْـلُبُ غَسْلـَهْ

*

لمْ يـَـطَيِّرْ فـُوهُ حَمامَ كَلامٍ
أيهَا الكــَوْنُ قـُمْ ...
لتَـشْهَـدَ فعْلهْ

*

عزْمُهُ قـَدْ غـَدَا لسَاناً فـَصِيحاً
فَأصـِخْ نَخـْوَة ً..
لِتـَفـْـهَـمَ قَوْلَهْ

*

إنَّهُ هــَبَّ : " هذِهِ الأرْضُ لي ! "
رَوْضُ فؤَادِي
لنْ تُسْتَبى مـِنْهُ فـُلَّةْ

*

هَذِهِ الأرْضُ قِبْلَةُ العِشْـقِ
رُوحِـي ..
لا تَرى غَيْرَ هــَذِهِ الأرْضِ قِبـْلَةْ !

*

شمْعةٌ وَالفَتـِيلُ عُمْريَ ..
نـورٌ
وَلَهـيبٌ
لكُلِّ مَنْ مَدَّ حَبْلـَهْ

**

لا يخَلْ طامِعٌ بأنِّي صـَبُورٌ
تَـنْحَنِي نَخــْلتي
لـِريحِ المَذَلـَّةْ

*

خِصْلَةُ الصَّبرِ تــَاجُ كـُلِّ عـَفيقٍ
فَإذا ضيمَ
يَقـــْبُحُ الصَّبرُ خصْلَةْ

*

مــُمْعِنٌ فـِي الوُصولِ ...
رَشَّ علَى الدَّرْبِ دَماً
وَاسْتدَلَّ عــِزّاً فـَدَلـَّهْ

*

رُوحُهُ في يـَدَيْهِ : مهْرٌ
وَثأرٌ
لَمْ يجِدْ غَيْرَ الرُّوحِ سـَيْفاً فـَسلــَّهْ

*

وَمضى ..
يَسْتَفــِزُّ كُلَّ هزَارٍ
كيْ يــُغـَنـِّي وَيوقِظَ الكوْنَ كُلـَّهْ

*

وَاستَـمَالَ الوُجُودَ :
أوْحى إلى زَهـرِ الرُّبَى
أنْ يـَبُثَّ في العِطرِ غلـَّهْ

*

وَإلَى القــَطرِ أنْ يَصــِيرَ رَصاصاً
وَإلى الرِّيحِ - للعـِدَى – أنْ تُقِلـَّـهْ !

*

وَإلَى الأيـْكِ أنْ يَسُنَّ غصـُوناً
وَإلَى الغَارِ .. أنْ يُجَنــِّدَ نملهْ !

*

وَإلَى الشـَّمْسِ أنْ تـُذِيبَ
جَلِيدَ الوَقـْتِ ..
حتَّى يُجهـِّزَ الثـَّأرُ خَيْلـَهْ

*

جـَوْلةٌ .. ثُمَّ يَنتـَهِي كـُلُّ شـَيْءٍ
ليْسَ يَحـْتَاجُ نصْرُنا غَيْرَ جـَوْلَةْ !

*

.
.
.

اُنْظـُرُوه ...
يـَخُطُّ في الأرْضِ جُمْلَةْ
جســَدٌ فــَوْقَ الأرْضِ
فارَقَ ظلـَّهْ

*

قدْ تلاهَا التَّارِيخُ : ضَمَّ مَعَانِيهَا
وَأمـْسى بِهـَا
يُرَتِّقُ جَهلـَهْ

*

وَانظرُوا رُوحـَهُ مـُرَفـْرِفـَةً
تَسْعَى إلَى الخُلدِ ..
كَيْ تعـَانِقَ أهْلـَهْ

*

وَســِّدُوا رَأسهُ الثَّرَى
ثـُمَّ زُفـُّوهُ .. اطْبَعـُوا فــِي جَبينهِ
ألْفَ قـُبلـَةْ

*

هُوَ حَيٌّ .. وَظَلَّ فِي المَوْتِ حياً
وَأنـَا المـَيْتُ ..

لَيـتَنِي كـُنـْتُ مِثْلـَهْ !