محرم بلقيس قبلة للسياح وموضوع للباحثين صنعاء ـ سبأنت: أصبح محرم بلقيس
ومنطقة مأرب قبلة للسياح وموضوعا مهما للبحوث الأثرية، خاصة بعد ان أصبح
أول المواقع الأثرية يجرى له عمليات التدعيم والصيانة يتم فتحه أمام
السياحة. المصادر التاريخية والأثرية تشير إلى أن معبد ( برآن) يعد المعبد
الرئيسي للإله ( المقة ) إله الدولة السبئية، ويطلق العامة على أطلاله (
محرم بلقيس )، ويرجع تاريخ بناءه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، أي إلى
زمن المكرب السبئي"، الذي يدعى آل ذرح بن سمه علي " والذي قام بتسوير حائط
المعبد. وقال الدكتور "بوركهارت فوكت " رئيس فريق المعهد الألماني للآثار
الذي نفذ أعمال الحفريات الأثرية في موقع المعبد خلال الفترة " 1988 ـ
1997 " ورئيس فريق التدعيم والصيانة " 1998 ـ 2000 ": إن المعبد تطور في
القرن التاسع قبل الميلاد من معبد بسيط إلى مجمع شامل يضم مرافق العبادة
وورش العمل ومطبخ ومرافق صغيرة لأغراض الأعمال الاقتصادية.
وأضاف"فوكت" في تقرير نشر حديثا:" إن المعبد استخدم على مدى 1500 عام على
الأقل وبشكل مستمر". وأشار إلى إن معبد آلهة المقة ـ معبد برآن أهم
المقدسات التابعة لعاصمة السبئيين مأرب. ويتألف بناء محرم بلقيس من سور
بيضاوي، تقدر أبعاد المنطقة الواقعة داخله بـ 100 متر طولاً و 75 متراً
عرضاً، و ارتفاع السور بين 9- 9.50 متر، وسمك جدار السور ما بين 3.90 متر
إلى 4.30 متر، ويوجد المدخل الرئيسي للمعبد في الجهة الشمالية الشرقية من
السور، ويتكون هذا المدخل من فناء مستطيل أبعاده 23.97 × 19.15
متر، والفناء محاط بأعمدة حجرية يبلغ طولها ما بين 5.30 - 4.95 متر،
وللمدخل باب واحد يؤدي إلى داخل الفناء البيضاوي، وله ثلاثة أبواب تطل إلى
الخارج على بناء آخر، وحائط المدخل مزين بزخارف وببعض الأشكال الهندسية
المتنوعة. وقد عثر أثناء التنقيب على عشرات النقوش وعلى مجموعة من
التماثيل، كما عثر أيضاً على عدة ألوان ومناضد حجرية مزخرفة. وحسب تقرير
"فوكت " يحتل معبد ( برآن ) مكانة مميزة بين بقية معابد الإله المقة سواءً
تلك المشيدة في مأرب، أو تلك المنتشرة في أماكن بعيدة عن حاضرة الدولة
السبئية كمعبد المقة في صرواح، ومعبد " هيران" في عمران، ومعبد " ميفعم "
بالقرب من خمر وغيرها. وتمثلت هذه الأهمية بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية
في سبأ، وكان لازما على الشعوب والقبائل التي ضمت إلى الدولة السبئية
زيارة معبد ( برآن ) وتقديم القرابين والنذور لإله المقة سيد ( برآن )
تعبيراً عن الخضوع والولاء للدولة السبئية.
وإضافة إلى ذلك كان معبد برآن من أشهر الأماكن التي يحج إليها اليمنيون
وغير اليمنيين - وهو حج له شعائره وطقوسه الخاصة به - وكانت زيارات الحجيج
تجرى في مواسم محددة من كل عام ، فقد كان هناك مواسم الحج الجماعي الذي
يجري خلال شهر ( ذأبهي ) ، أما موسم الحج الفردي الذي يختلف شعائره وطقوسه
عن الحج الجماعي، فقد كان يجري خلال شهر ( ذي هوبس ). وتبرز النقوش
النذرية والقرابين الكثيرة التي عثر عليها في المعبد الدور الهام للمعبد
باعتباره المكان المقدس الذي يتم فيه تلقي أوامر وتعليمات الإله ، وفيه
يقدم الناس قرابينهم ونذورهم للإله المقة إيفاء لنذر سابق، أو لغرض الحصول
على طلبات تمس مختلف نواحي حياتهم مثل وفرة المحصول، كثرة الولادات، الصحة
والعافية، السلامة، الانتصار على الأعداء وغيرها من الأمور اليومية للناس
في تلك الفترة. وظل معبد برآن مكاناً مقدساً تمارس فيه العبادات إلى بداية
النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، ويبدو أن المعبد هجر بعد ذلك، وهو
ما يتوافق مع ظهور العبادات ( إله السماء والأرض ) وعبادة الرحمن ( رحمنن
). ولا يزال جزءاً كبيراً من الآثار اليمنية مطموراً تحت الأرض، حيث يعتقد
علماء الآثار إن إزالة التراب عنها قد يعيد النظر في الحضارات القديمة.
ويراهن الأثريون اليمنيون على موسم التنقيب الذي يبدأ في اليمن من خريف
العام وحتى ربيع العام الذي يليه بمشاركة العديد من البعثات الأثرية التي
ستصل إلى البلاد لإماطة الغموض الذي يلف مصير العديد من المواقع الأثرية،
خاصة بمحافظة مأرب عاصمة مملكة سبأ، التي تعمل فيه بعثة أثرية من المعهد
الألماني للآثار منذ ما يزيد عن 26 عاما.
سبأنت